صحافة المواطن

محمود وليد محمود عبد اللطيف

- مفهوم صحافة المواطن :
 يعتبر مفهوم صحافة المواطن من أكثر المفاهيم المثيرة للجدل، ويرجع هذا الأمر بسبب حداثته واختلاف الباحثين حول المعنى الذي يشير إليه، وأهمّ وسائله المستخدمة، ومن أهمّ التعريفات لهذا المفهوم الذي يُشير إلى مصطلح صحافة المواطن، وهو أنّ بإمكان أيّ فردٍ أن يكون صحفيّاً عن طريق نقل رأيه ومشاهداته عن العالم بأجمعه، دون الحاجة لأن يكون حاصلاً على شهادة في مجال الإعلام، أو أن ينتمي لأيِّ مؤسسةٍ إعلاميّة لإيصال رأيه وصوته للعالم.وقد ذكر الدكتور (جمال الزرن) أنّ صحافة المواطن هو مصطلحٌ إعلامي واتصالي في ذات الوقت، وهذا المصطلح على المستوى التاريخي يعتبر حديث النشأة، وهو مفهومٌ غير مستقرّ؛ حيث إنّ صحافة المواطن تشخّص عند البعض على أنها (إعلام المواطن)، ويرى الدكتور أنّ مفهوم صحافة المواطن تعتمد على عددٍ من النقاط، هي: شبكة الإنترنت التي تعتبر فضاءً للنشر والتعبير عن الرأي. التأكيد الفعلي لحضور هذا المواطن في القضايا التي تخصّ الشأن العام، ودعمه للمارسةِ الديمقراطيّة. اعتبار المخرجات الناتجة عن صحافة المواطن امتداداً لمرجعيّات الصحافة البديلة والإعلام البديل. وأورد الدكتور (الياس البياتي) أنّ كلّ مواطن هو صحفيٌّ صاعد؛ حيث إنّه يتحكّم في زمن الأحداث ووقعها على المتلقي فمثلاً وكالات الأنباء لن تتمكّن من نشر مراسليها في كافة الأحياء والشوارع، الأمر الذي حوّل ظاهرة صحافة المواطن إلى ظاهرةٍ غير قابلة للتجاهل، كما عرفها باحثون أنّها مواقع يبث المواطنون بها مساهماتهم، ولا تربط هؤلاء أيّ علاقة بالمؤسسات الإعلاميّة، لكنهم يقومون بأدوار مشابهة لأدوار تلك المؤسسات..

- بداية ظهور صحافة المواطن  :
اختلف العديد من الباحثين في الفترة التي ظهرت بها صحافة المواطن؛ إذ لم يتم العثور على إجابات يتفق الجميع عليها بين كافة الباحثين أو حتى الممارسين لها، لكن الغالبيّة يتفقون على أنّ الظهور الفعلي لهذا النوع من الصحافة كان إبان إعصار تسونامي الذي وقع في شهر كانون الأوّل من عام ألفين وأربعة للميلاد؛ حيث إنّ المواد التي تناقلتها وسائل الإعلام الجماهيريّة في كافّة أرجاء العالم كانت ترتكز على المعلومات والصور التي التقطها المواطنون العاديّون هناك، وكان اعتماد تلك الوسائل الإعلاميّة على شهود العيان المتواجدين في المكان والذين عاشوا اللحظات الكارثيّة التي شهدتها المنطقة وقاموا بتسجيلها، وضمن هذا الإطار أوردت صحيفة الإندبندنت البريطانيّة، بأن كافّة قنوات التلفزة العالميّة كانت تبعث مراسليها برفقة المصورين التلفزيونيين ليس إلى المناطق المنكوبة، بل إلى المطارات التي كانت تعجّ بالمسافرين القادمين من تلك المناطق أو الذاهبين إليها، في سبيل العثور على لقطاتٍ جديدة يقومون بتسجيلها والتقاطها، إضافةً لتسجيل الشهادات والإفادات على تلك الأحداث.
ومع التطور التكنولوجي، أصبح من أبرز أشكال «صحافة المواطن» شبكات التواصل الاجتماعي وأشهرها «تويتر» و»فيسبوك»، أيضا المدونات ومواقع بث الفيديو من أمثال «يوتيوب». وساهمت أحداث ما وصف بـ»الربيع العربي» في انتشار «صحافة المواطن» بالمنطقة، حيث اعتمدت العديد من وسائل الإعلام العالمية في تغطيتها على ما ينشره المواطنون على صفحاتهم الخاصة.


نظرة تاريخية
أطلقت أول مبادرة في الصحافة المدنية عام 1988 بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي انتبه خلالها مؤيدو الصحافة المدنية بأن الإعلام لم يقم بالتركيز على اهتمامات المواطنين ومشاكلهم، بل انشغل بنقل كلام المرشحين وحواراتهم وجولاتهم الانتخابية فحسب. بدأت هذه المبادرة في ولاية جورجيا من خلال صحيفة "Ledger Enquirer" اعتمادا على مسح أجرته الصحيفة على الهاتف مع المواطنين ومقابلات معهم ومع مسؤولين محليين وخبراء أكاديميين لمناقشة أهم التحديات التي تواجه الولاية مثل نظام التعليم المتعثر في المدارس، الرواتب المنخفضة، مشاكل المواصلات وغيرها. لتعرض بعد ذلك في 8 حلقات على صفحات الجريدة تحت عنوان "كولومبوس ما بعد ال 2000" لم تلق هذه الحلقات الاهتمام، فبادر جاك سويفت رئيس تحرير الصحيفة في ذلك الوقت، بعمل خطوة غير تقليدية حين دعا إلى اجتماع في قاعة المدينة الرئيسية لمناقشة هذه المشاكل وحضر الاجتماع 300 مواطن، وبعدها استطاع سويفت مساعدة المواطنين في تأسيس منظمة مدنية تحت اسم (اتحاد ما بعد ال 2000) لمتابعة المشاكل التي تمت تغطيتها إعلاميا من خلال الصحيفة ومناقشتها في الاجتماع. كان سويفت جزء من لجان التوجية في هذه المنظمة، وبهذا انتقل دوره من مجرد إعلامي يسلط الأضواء على الأحداث، إلى ناشط اجتماعي يشارك فيها.
حيث تم إنشاء مركز بو للصحافة المدنية عام 1993، ويعد من أهم المراكز التي تعقد دورات وورشات عمل لتعليم مهارات وفلسفة هذه الصحافة، ويقوم بتمويل أكثر من 120 تجربة صحفية في مجال الصحافة المدنية. ولهذا المركز أيضا جائزة يقدمها كل عام للصحفيين المتميزين واسمها "جائزة جيمس باتن للتميز في الصحافة المدنية" وفي عام 2003 تأسست شبكة الصحافة المدنية وهي شبكة متخصصة للباحثين الصحفيين والأساتذة المهتمين بها، بإدارة البروفيسور ليونارد ويت. تصدر هذه الشبكة منشورات عن النظرية وتطبيقاتها ولها مدونة إلكترونية ترصد المبادرات والأنشطة المتعلقة بالصحافة المدنية.

أهم مميزات صحافة المواطن:
1-كل مواطن هو باحث عن المعلومة، وكل شخص بإمكانه أن يتحول إلى مصدر للأخباروالمعلومات.
 2-التحول من وسائل الإعلام الجماهيرية إلى وسائل إعلام الجماهير: تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية على قاعدة نشر المعلومة من الفرد إلى المجموعة، وتقوم صحافة المواطن بقلب المعادلة والإعتماد على نشر المعلومة من الكل إلى الكل وذلك بالاعتماد على مواطنين صحفيين.
 3-سياسة تحرير مختلفة: حيث تعتمد صحافة المواطن على سياسة تحرير خاصة، فالأخبار التي تنشر يجب أن تكون دقيقة ولها صلة بالأحداث الموضوعية وأن تتميز بأقصى قدر من السبق.

5-التفاعلية.



الإنتقادات التي تعرضت لها صحافة المواطن :
في المقابل، وجهت لـ»صحافة المواطن» العديد من الانتقادات، ومنها عدم خضوعها للمعايير المهنية، من ثم الاسهام في نشر الأخبار بغض النظر عن صحتها ودون وعي بخطورتها وبلا توافر لشروط الخبر.
أيضا الابتعاد عن الموضوعية والحيادية والدقة في نقل الحدث، نظرا لتحكم مشاعر المواطن في صياغة ما يود نقله، ذلك اعتمادا على تجربته الذاتية فقط.
إلا أن الأبرز كان غياب الرقابة والتنظيم، الأمر الذي اسهم في إطلاق العديد من المواقع الإخبارية والصفحات الوهمية التي عملت على نشر الأكاذيب والشائعات وتعمد إثارة المجتمعات.
كما فتح انتشار «صحافة المواطن» الباب أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية وأفكارها الهدامة في المجتمع، إلى جانب تجنيد واجتذاب عناصر جديدة لها معتمدة على صعوبة مراقبتها وقوة تأثيرها.
وعلى سبيل المثال، كشفت العديد من التقارير الأوروبية عن أن تنظيم داعش الإرهابي نجح في تجنيد 80% من عناصره الأوروبيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

أشكال صحافة المواطن
الشبكات الإجتماعية: هي عبارة عن مواقع تستخدم من قبل طرف واحد، وهي تحقق التعارف والتواصل الإجتماعي وإقامة العلاقات ، ويمكن من خلالها أن يكتب نصوص ومقالات وينشر صور والفديوهات ومن أشهرها : تويتر، الفيسبوك.
المدونات: هي موقع شخصي ووسيلة جديدة وهامة في الاتصال وتحرير الكلمة ،متعددة الاهتمامات والمجالات، يعبر فيها المدوّن عن أي موضوع وفي أي مجال دون قيود ويرجع ذلك للحرية المطلقة وعدم وجود رقابة، تكون موجهة للجمهور الذي يقاسمه نفس الاهتمامات وتمكنهم من التعليق عليها.
مواقع بث الفديو: وهي مواقع تتيح إمكانية بث مقاطع فيديو مسموعة ، أو مرئية، ويمكن حتى تحميلها ومشاهدتها، وهناك عدة مواقع مشهورة جدا، لدرجة أنها أصبحت تبيع مقاطع من مضامينها لوسائل الإعلام، بل وحتى هذه الأخيرة تقوم ببث برامجها عبر هذه المواقع، ومن أشهر تلك المواقع (يوتيوب)
المواقع الإخبارية التشاركية: أو ما يطلق عليها الويكينوز وهي مواقع شبيهة جدا بالصحف الإخبارية، لكن يشارك في إنتاج وإعداد محتواها مواطنون عاديون يكونون في الغالب متطوعون وناشطون حقوقيون وهواة يقومون بالتدقيق في موضوعية ومصداقية كل خبر ،ومن أشهر تلك المواقع موقع (أوه ماي نيوز) الكوري.
مواقع التحرير الجماعي: هي مواقع تقوم على إنتاج ونشر الصفحات على الإنترنت حيث يسمح لزوار المواقع بأن يضيفوا أو يعدلوا أو يكتبوا ما يريدون، وينشروا ذلك بصورة لحظية على الإنترنت. ومن ثم فإن هذه التقنية تتيح الفرصة لظهور مشروعات كبرى قائمة على المشاركة التطوعية من عدد كبير من الأفراد، ومن أشهر الأمثلة عليها (موسوعة ويكيبيديا).
مواقع التحرير الجماعي: هي مواقع تقوم على إنتاج ونشر الصفحات على الإنترنت حيث يسمح لزوار المواقع بأن يضيفوا أو يعدلوا أو يكتبوا ما يريدون، وينشروا ذلك بصورة لحظية على الإنترنت. ومن ثم فإن هذه التقنية تتيح الفرصة لظهور مشروعات كبرى قائمة على المشاركة التطوعية من عدد كبير من الأفراد، ومن أشهر الأمثلة عليها (موسوعة ويكيبيديا).

الفرق بين المواطن/الصحفي والصحفي المحترف:
إن المواطن/المراسل هو ذلك الشخص الذي يعي حقوقه وواجباته السياسية ويسعى إلى جمع الأخبار ونشرها على شبكة الإنترنت. فالمراسل المواطن ليس بالصحفي المحترف لأن الصحفي المحترف يمتهن الصحافة ويمارسها في إطار قانوني محدد يتميز بحيازته لبطاقة صحفي ويتقاضى أجر مقابل ممارسته الصحافة. أما المواطن المراسل هو شخص متطوع لنشر ما يسمعه ويشاهده ويحصل عليه من معلومات وأخبار في شبكة الإنترنت، وذلك من خلال الإلتزام الذاتي والمسؤولية الإجتماعية ومراقبة بقية زملائه ومتصفحي شبكة الإنترنت له.
و ختاما فإن التقييم الموضوعي لـ»صحافة المواطن» لا يمكنه إنكار أهميتها كشكل جديد من أشكال الإعلام الحديث التي يمكن من خلالها تحقيق المزيد لخدمة المجتمع وقضاياه، غير أنه من الضروري كذلك إخضاعها للرقابة والتنظيم من أجل تفادي مساوئها.
كذلك فإنه على وسائل الإعلام التقليدية التي استغلت هذا الشكل لخدمة التغطية الإخبارية لديها أن تلتزم بإعداد دليل للمواطن الصحفي يحتوي على كيفية قيامه بدوره بشكل مهني وموضوعي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعريف و انواع و مصادر الخبر

مميزات و خصائص الكاريكاتير

صحافة هاتف المحمول