مميزات و خصائص الكاريكاتير

كتابة (آية عبدالمنعم ، رابعة حرز)
مراجعة : (سالى فراج)
☆ مميزات وخصائص فن الكاريكاتير ☆
لم يكن عبد الرحمن قطناني فنان الكاريكاتير الشاب، هو الوحيد الذي يعلن دائما وابدا انه من عشاق فن ناجي العلي الكاريكاتوري، وأنه تأثر ويتأثر برسومه، ويعتبره أستاذه ومعلمه في مسيرته الفنية. بل إن رساما مشهورا وأستاذا في فن رسم الكاريكاتور هو الفنان بهجت عثمان، يقول في رثاء صديقه الفنان ناجي العلي «كلما رأيت صفحة بيضاء – وأنا رفيق سلاحه – إلا وتمنيت لو أن هذه الصفحة مرصعة بأحد رسومه ».
فما هي مميزات فن ناجي العلي، خصوصا في كتابيه الكاريكاتوريين الأول والثاني (1976 و1983) اللذين احتويا على رسومات من تجربته أثناء عمله في صحيفة «السفير» اللبنانية، والتي امتدت منذ عام 1975 وحتى عام 1983؟ ذلك هو مضمون البحث الذي نال على أساسه الفنان الشاب قطناني دبلوم دراسات عليا من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية مؤخرا، بإشراف الناقد الفنان د. فيصل سلطان . فما أهم ما احتواه البحث؟.
في التقديم – التعليق الذي كتبه الفنان الأديب غسان كنفاني مع الرسومات البواكير الأربعة، للفنان ناجي العلي في مجلة (الحرية) اللبنانية بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر من عام 1961، أجمل ما احتوته تلك الأعمال الأربعة، خصوصا من الناحية الفنية، فذكر»إن الحدة التي تتسم بها خطوطه، وأن قسوة اللون الراعبة والانصباب في موضوع معين، يدلل على كل ما يعيش في صوره، وبشكل أكثر من كاف».
تلك كانت كلمات عن بواكير الفنان ناجي، فهل ما قرأه غسان فيها استمر بصورة أو أخرى في الأعمال اللاحقة، والتي وصل عددها – حسب بعض المصادر إلى أربعين الف لوحة منشورة، وهل أصاب أعماله التطور من الناحية الفنية، على الرغم من غلبة «الإنصباب في موضوع معين»؟.
حسب رأي الفنان الشاب قطناني، وكما جاء في رسالته، فإن الأعمال الأولى للفنان ناجي العلي، بشرت «بطاقة كبيرة ومخزون قوي من المشاعر». فهل بقي الأمر ضمن الحدود والتحديدات السابقة في المراحل اللاحقة، خصوصا في مرحلة الرسومات في الكتابين الأول والثاني؟.
المعروف والمشهور أن المعمار الفني الكاريكاتوري لدى ناجي العلي، قام على الفطرة والفكرة في الأساس. وهذا ما كان يصرح به الفنان نفسه في الكثير من المواقف والمقابلات، فماذا ذكر قطناني عن هذين الأمرين؟.
من خلال كتابي ناجي العلي، وبعض الرسومات التي نشرت له في جريدة السفير، يتبين لنا أن العلي لم يقع في فخ تأثيرات القوالب الكاريكاتورية المباشرة، بل كان يسعى دوما الى تجاوزها.
أما في ما يتعلق بوجود التعليق، مترافقا مع الرسم، أو عدم وجوده، فإن قطناني يقول «يمكننا الإستنتاج بأن وجود التعليق الكتابي – مع الرسم – لا يقلل أبدا من القيمة الجمالية للوحة الكاريكاتورية». أما في ما يتعلق بعدم التعليق فيقول «نجد في كتابه الثاني حضور حنظلة – والتعليق الكتابي شبه غائب – كعنصر رئيسي في سيناريو المشهد والحدث، وهذا يعتبر ولادة ذروة الفكرة التعبيرية الرمزية عند العلي». وإزاء هذا الأمر يستعين قطناني بما كتبه أستاذه فيصل سلطان، إذ ذكر «أصبحت الفكرة أكثر اقترابا من المناخ الرمزي والنبرة الاحتجاجية الساخرة، في عفويتها وسلاستها وبساطتها الفطرية ومخزونها التأملي الواعي لتداعيات الحدث».
أما عن فن ناجي العلي وتآليفه الفنية، فيذكر قطناني «يعتبر ناجي العلي أحد أبرز الرسامين المبدعين، الذين يتمتعون بمخيلة إبداعية قوية وفريدة في نوعها، نظرا لما قدمه من نماذج جديدة في تكوين اللوحة الكاريكاتورية، وكان يومئ دوما بموهبة متفوقة ومتجددة عن سائر فناني جيله من الرسامين الكاريكاتوريين، فقد رفض أن يتحول إلى رسام استهلاكي هامشي، وذلك لإيمانه العميق أن قضيته تتطلب نتاجا إبداعيا يرقى بمستوى حقوقيتها».
                   خصائص في الكتابين
درس قطناني تجربة الفنان ناجي العلي في كتابيه الأول والثاني – تجربة عمله في صحيفة «السفير»- وبيّن الفوارق والتطورات التي واكبت التجربة، وركز على درس بعض اللوحات من خلال التراكيب الفنية التي تميزت بها، من حيث المسطحات اللونية، وتوزيع المساحات والتظليل الذي رافقها، والكتل الموزعة في اللوحات، من حيث الأحجام وتفاوتها، ودرس وبيّن ما هو بيضاوي أو متعرج، أو ما تم تجسيده في مستطيلات أو في مربعات ودوائر، أو ما تميز في امتداداته الأفقية، وشرح الرموز والمعاني التي تجسدت في بعض اللوحات، وهو ما يمكن اعتباره من جديد البحث والإضافة، في دراسة انجازات الفنان ناجي العلي في تجربته الفنية .
ذكر الدارس عن الرسومات في الكتاب الأول -1976- ما يلي: «نجد أن العديد من الرسوم تشير إلى مرحلة ما قبل النضوج، أي مرحلة البحث عن الأسلوب الذى ابتكره وحققه فى تجاربه اللاحقة وظهر فى فقرة أخرى ( أظهر ناجى العلي فى مرحلة أواسط السبعينات مظاهر التحدى للذات فى تجاربه التاليفية بحيث نرى أنه اعتمد أحيانا على التاليفات المركبة التى تتكون من العناصر التاليفية واللونية المختلفة والتى أحدثت تلك النقلة النوعية فى رسوماته ) .
كما ونلمس تاثيرات الفن الشعبى الفلسطينى ودخول نسيجه فى وجدان رسومه وهذا رهان على محاولاته دمج المعاصرة بالتراث فى أصعب إختبار تاليفى له جسده فى هذه المرحلة وهذا ماجعله يغوص فى الموضوعات الشعبية ورموزها وعناصرها.
وعن كتاب ناجى العلي الكاريكاتورى الثانى ورسوماته 1983 يذكر قطنانى البساطة بامتياز هى العنوان الرئيسى لرسوم ناجى العلي التى جمعها فى هذا الكتاب ويعود السبب فى ذلك إلى معايشة تتابع الأحداث اليومية ومحاولاته الحقيقية للتعبير عن أجواء الحرب الأهلية فى لبنان التى انطلقت شرارتها فى عام 1975 . ويضيف باعتماد الفنان البساطة فى التأليف فإنه لجأ إلى إيجاد حلول ذكية لمختلف موضوعاته ورموزه فقد اقتحم المربع الأسود خلفيات رسومه واخترقت العناصر البيضاء اللون او الرمادية هذا المربع من نصفه ومن أحد طرفيه كما عمد أحيانا فى بقية رسومه على التاليفات التى كانت تعتمد على المنظور والحركة الدائرية .
ينهى قطنانى دراسته لهذه المرحلة بقوله أن مسار تطويره الغنى كان سريعا ومميزا وقد عكس من خلال هذا التطور قلقه الابداعى فى إيجاد خصوصيته وقراراته التى استمدها من معايشته اليومية لمعاناة شعبه وحلمه الكبير بالعودة إلى كامل التراب الفلسطينى .
عن اللونين فى تجربة ناجى العلي الفنية يقول الفنان قطنانى ( اما من الناحية اللونية فقد اقتصرت رسوم ناجى العلي على الأسود والأبيض والرماديات وذلك التعبير عن المساحات والمسطحات وحتى للدلالة على الظل والنور ) .
وذكر فى فقرة أخرى ( أيقن ناجى العلي أن اللونين الأسود والأبيض يعطيان الايماء بالقسوة إلى جانب بعضهما البعض لذا استخدمها لإضفاء مسحة من الدراما العنيفة فى مسرح رسومه التى كانت تعكس تداعيات الفواجع المتتالية ) .
ثم يعرج قطنانى على دراسة معانى الرموز والشخصيات فى أعمال ناجى فى المرحلة المدرسية فقال عن ذلك ( اتجه ناجى العلي فى مسار تطوير الرموز إلى منطلقين المنطلق الأول هو اختيار الشخصيات التى تدل على الواقع الذى يريد معالجته ضمن رؤية واضحة فى عملية اختيار الشخصيات اما المنطق الثانى فقد تبلور من خلال الرمزية التى تجلت فى الخطوط وهذا الأمر كان الشغل الشاغل فى مراحله الفنية الأولى إلا أنه سرعان ماتجاوزها حيث تخلص من الخطوط المعقدة ليستعمل خطوط مختزلة تتماشى مع الرمزية التعبيرية ورونقها الشعبى .
أما عن التوقيع الذى ترافق مع أعمال الفنان ناجى العلي فى مراحل حياته الفنية فإنه بدأ من البسيط العادى ثم حمل أشكالا وتنويعات فى كتابة الاسم مرورا بتوقيع الاسم مترافقا مع شبه مستطيل بداخله صليب وصولا إلى اختزال الاسم بشخص حنظلة اعتبار من عام 1968 حيث يذكر الدارس ( كان حنظلة يتقمص شخصية ناجى العلي ومواقفه فى كل حركة يقدم عليها هكذا أصبح ناجى العلي هو حنظلة واصبح حنظلة رمزا للمعاناة والانتفاضة والتحرير والشهادة فى أن معا ).
فنان الكاريكاتير الفلسطيني جلال الرفاعي: فن الكاريكاتير، هو عبارة عن تعبير يتجاوز الكتابة أحيانا، لأنه يتيح للمتلقي قدراً من المشاركة؛ خصوصاً حين يكتفي بذاته وبعناصره، ويستعيض عن اللغة بشفرة من الخطوط تختزل مالا تقوى ثرثرة المتلقي عن إنجازه، فهو فن ألا امتثال ،يصدُق عليه ما قاله "لوكاتش"عن السخرية بصفتها سلاحا ، وهو كفن، فهو أحد المضادات للثرثرة، فهو إذ يجازف في تقطير الخبرة واختزال المعرفة؛ إنما يضيء الذاكرة ويذكي الخيال؛وبالتالي يتيح "للمتلقي" حصة من الإبداع.
وفن الكاريكاتير فن ساخر وقديم، له القدرة على النقد، وهو فن غائب وحاضر في تراثنا العربي والفلسطيني ، فقد أضحى ثقافة معاصرة، ووسيلة عظمى للتعبير عن القضايا السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، والثقافية التي يعاني منها الوطن العربي.
وهو، أنموذج فني وطراز يعتمد على الصورة الهزلية، وعلى المبالغة الفنية الساخرة للنقد الموجه، ونزعة المبالغة هنا للإشارة إلى النواحي السلبية للظواهر الحياتية للأشخاص، ومن أهم مميزات الكاريكاتير الخاصة والملازمة له: إظهار الصورة الهزلية كفن من الفنون الجميلة، لذا فإن فنان الكاريكاتير يستطيع طرح الكثير من الموضوعات، مازجاً الواقع بالخيال، موضحاً المبالغة والحدة للصفات المميزة للشخصيات المعروفة، للوجوه والملابس والأنماط المختلفة لتصرفات أناس محددي الهوية.
يقول فنان الكاريكاتير "علاء اللقطة": أن فن الكاريكاتير عمل تنويري بالأساس يهدف لحمل هموم الوطن بالدرجة الأولى.
وكما هو متعارف عليه فهو رسم تشكيلي ساخر و هو نوع من الفنون يعتمد الخط و اللّون و الظل لبناء هيكله و يعبر عن فكرة ساخرة .
الجزء الثاني : الجذور التاريخية لفن الكاريكاتير
اختلف الباحثين حول الأصول الأولى لفن الكاريكاتير فهو في الأصل فنٌ عتيق يعود إلى القرن الثّلاثين قبل الميلاد، أي أنّه سبق عصر الكِتابة؛ لأنّ الرّسم الرّمزي ظهر قبل مَرحَلة الحرف بمراحِل. والتعبير بالصّورة قد رافق الإنسان منذ تكوينه الأوّل، فرسم على الكهوف كلّ ما خطر على ذهنه. وفي الحضارات القديمة لعبت الصّورة دورًا هامًا في تبيان الحالة التي أُريد بها التعبير
الباحث الفرنسي "رووا" يقول:" إن جذور الكاريكاتير قديمة جدا ، وهي عبارة عن حركة بدائية في التصوير والتشخيص الفني ، ويمكن القول أن جذوره الأصلية انطلقت في العهد القديم ، عندما بدأ قابيل بالسخرية من أخيه هابيل، والدليل بأن أختهم أحبت هابيل ، فعندها أصبح قابيل يرسم أخيه قابيل ،قبل أن يقتله الأخير ويلقى بجثته في نهر النيل.
ويقال أن المهرجين في القصور الملكية كانوا يتخفون أمام الملوك واضعين على وجوههم الأقنعة بطريقة ساخرة تثير الضحك ؛ ويقومون بعمل الحركات الإيمائية الهزلية أمامهم، ما يثير إعجاب الملك وحاشيته.
ويقال أن فن الكاريكاتير انطلق من مأواه الحقيقي "القصور الملكية"، بناء على ما وُجد من آثار أثبتت
ذلك، ومنذ ذلك الوقت صنف الكاريكاتير كأحد أنواع الفنون التشكيلية الجميلة، وأعتبر أحدها،
وكذلك ما وُجد من رسوم على جُدران المعابِد في وادي الملوك والملكات في الأقصر وأسوان، إذ أبدع العاملون في تشييد مقابر وادي المُلوك في عصور الرّعامسة تلك الرّسوم التي يرجع تاريخها إلى 1200 سنة قبل الميلاد.
يقول فنان الكاريكاتير المصري "عثمان بهجت": أن فن الكاريكاتير قديم حديث، وأن بداياته قديمة جداً، بدأت من أيام الفراعنة، فهناك برديات كثيرة عليها رسوم كاريكاتيرية تتحدث أيضا عن انقلاب الأوضاع، عليها مثلاً فرس النهر واقف بحجمه الكبير على شجرة، أو طائر يضع سلما على جذع شجرة ويحاول أن يصعد على درجاته، أو الذئب في صورة راعي الغنم ؛وهذا نوع من السخرية الراقية جداً. والظاهر أن انقلاب الأوضاع موجود منذ أيام الفراعنة".
لقد جسد الفراعنة صوراً ساخرة وأوضاعا معكوسة، ورؤى غريبة، وواقع مضطرب، وأحوال لا معقولة ثبتها المصري القديم بأنامله على ورق البردي وبقايا الأواني الفخارية واختزنها الزمن في وعائه العتيق، من ذلك:قط بري يرعى الإوز ،أسد يلاعب حمارا الشطرنج ولسان حاله يقول: "كش حمار"؛ مجموعة من الفئران تمرح وترقص تنافق قطا يقف في زهو وخيلاء اوركسترا موسيقى مؤلف من مجموعة من الحيوانات، حمار يقف على رجليه الخلفيتين يعابث أوتار آلة بحوافره الغليظة، أسد يقف فاغرا فاه كأنه يغني بزئيره المخيف ويتدلى لسانه من بين فكيه، قرد ينفخ مزمار مزدوج وهو يمشي.
ولقد عثر على الكثير من الرسوم التي تحتوي على عناصر الكوميديا والسخرية على الكثير من جدران الكهوف في فرنسا وإيطاليا وأمريكا الجنوبية والجزيرة العربية والصحراء الجزائرية وغيرها.

تعليقات

  1. موضوع جذاب حسن فيه الاعداد والعرض الشيق دونما اهمال للارث العربي في ذلك المجال ،فذلك الموضوع يعيد صياغات الاعلام العربيه بوجهه عام والمصريه بشكل خاص فنعم لتمجيد اعلام الكتابه العربيه ...مقال رائع يستحق الاشاده به

    ردحذف
  2. Really,I liked this topic,I loved how it was written in a wonderful way and how well you are in using the appropriate terminology for this topic,wish achieve success in all your way .Love
    you #Rabaa

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعريف و انواع و مصادر الخبر

الاعلانات الصحفية